طارق النعيمات، صحافي وباحث أردني متخصص بالحركات الإسلامية.

لطالما مثّل النموذج الإخواني المصري، مصدر إلهام لجماعة الإخوان في الأردن لذلك كان لوفاة الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي آثاراً معنوية على الجماعة في الأردن.

لقد كان لتجربة الإخوان المصريين القصيرة في الحكم ارتدادات كبيرة داخل التنظيم الأردني، فمع الانقلاب في مصر 2013 إحتدت النقاشات والخلافات الداخلية في صفوف الإخوان الأردنيين حول المسار السياسي الذي يجب أن تتبعه الجماعة، غداة بوادر إحباط موجة الربيع العربي. ولم يتردد عدد من قيادي تيار الحمائم والوسط الذين انشقوا لاحقا وشكّلوا حزب زمزم، بالإشارة إلى انقلاب 2013 على أنه محطة مفصلية يجب على الجماعة أخذ الدروس والعبر منها. 

ردة الفعل الأولية على وفاة مرسي بين صفوف الأخوان في الأردن جاءت في سياق اعتبار الحدث كتضحية أخرى تقدمها شخصية قيادية في الجماعة. لطالما اعتُبر الثمن السياسي الباهظ الذي دفعه قادة الجماعة وأعضائها على مدار ثمانين عاماً، أحد أهم ركائز خطاب الإخوان الداخلي الداعي إلى أهمية التضحية في سبيل الدعوة. أسماء وصور لشخصيات  مثل  حسن البنا، سيد قطب، أحمد ياسين، عبد العزيز الرنتيسي، عبد الله عزام، وأخيراً محمد مرسي، كانت دائما حاضرة في مقرات الإخوان لا لدورهم التنظيمي او التأسيسي أو التنظيري فقط، بل للثمن الذي قدموه لأجل أفكارهم، بنظر الإخوان.
 
قد يمنح حجم التعاطف الذي قوبل به خبر وفاة مرسي الأخوان مزيدا من الشعبية خاصة وسط مناخ تسوده حملة عدائية ضد الإخوان يقوده عدد من أنظمة عربية.

ولكن لايبدو انه سيكون وفاة مرسي تأثير أكثر من مجرد تخليد لاسم الرجل والتركيز على معاني التضحية. المسار التاريخي للجماعة لا ينبئ بأن الإخوان ناجحون بقراءة تجاربهم وتجارب الآخرين السياسية والتعلم منها، فالتجربة التاريخية للتنظيم لقيت القليل من الاهتمام من جانبهم. عقب تأسيس حزبي زمزم و"الشراكة والإنقاذ" بات التنوع الفكري داخل الجماعة أقل زخما، وخفت حدة النقاشات الداخلية، وعلى الأغلب لن تشكل وفاة مرسي دافعا لعملية مراجعة عميقة داخل الإخوان الأردنيين، خصوصا مع التشظي الكبير الذي تشهده الجماعة الأم في مصر وتوزع قادتها بين السجون والمنافي. لكن رغم ذلك هناك تيار شبابي يتنامى دوره داخل الجماعة اكتسب وعيا سياسيا بمشاركته داخل سياقات الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في الأردن قد يشكل قوة ضاغطة للمراجعة وتجديد الأطر التنظيمية.