محمد عفان باحث ومدير تدريب في منتدى الشرق.

كانت ردود الفعل على الوفاة المأسوية للرئيس المخلوع محمد مرسي في قفص الاتهام في قاعة المحكمة، محدودة جداً في مصر. واقتصرت على مواجهات طفيفة بين المحتجّين الغاضبين وعناصر الشرطة في مسقط رأسه، وعلى حملات أُطلِقت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حزناً على رحيله. يبدو المصريون متعَبين من السياسة ومنكفئين ومشوَّشين في عهد النظام السلطوي المتعنّت برئاسة عبد الفتاح السيسي.

لقد أتاحت هذه الحادثة الصادمة فرصة للإخوان المسلمين في مصر من أجل تسليط الضوء على معاناة السجناء السياسيين الذين يتعرّضون لسوء المعاملة بمختلف أشكالها. فقد ألقى التنظيم، في بيانه الرسمي، بالملامة على النظام المصري في وفاة مرسي، وحمّله المسؤولية الكاملة جنائياً وسياسياً، وطالبَ بتحقيق دولي للكشف عن ملابسات الوفاة.

علاوةً على ذلك، يسعى الإخوان المسلمون، من خلال تحويل محمد مرسي إلى أيقونة ووصفه بـ"الرئيس الشهيد"، إلى إعادة توحيد عناصرهم خلف القيادة وحشد الولاء في صفوفهم، فالتضحية من جانب القادة تُعتبَر جزءاً أساسياً في شرعية التنظيم. غير أن هذه المساعي محكومة بالفشل. فمن المستبعد جداً أن تؤخَذ مطالب الإخوان بالتحقيق في ملابسات الوفاة، على محمل الجد. واقع الحال هو أن المجتمع الدولي ليس مستعداً ولا قادراً في الوقت الراهن على ممارسة ضغوط على النظام المصري لتحسين رصيده في مجال حقوق الإنسان.

والأهم من ذلك، لن تساهم وفاة مرسي في رأب العلاقات المتصدعة في صفوف التنظيم، بل ستؤدّي إلى تعميق أزمته. فقد علت الأصوات المطالِبة داخل التنظيم بمساءلة القادة على فشلهم في التعامل مع الانقلاب. فمنذ العام 2013، طالب الإخوان بإعادة مرسي إلى السلطة باعتباره حقاً معنوياً وهدفاً استراتيجياً، مع العلم بأنه كان مطلباً مثيراً للجدل وغير قابل للتطبيق. وبما أنه لم يعد مطلباً ممكناً وجامعاً، قادة الإخوان بحاجة ماسّة إلى تطوير سردية ومهمة واستراتيجية جديدة للحفاظ على وحدة تنظيمهم وطابعه الوظيفي.