أفراح ناصر، صحافية يمنية مستقلة ورئيسة التحرير مجلة صنعاء، حصلت على جائزة حرية الصحافة الدولية من لجنة حماية الصحفيين في العام 2017. لمتابعتها عبر تويتر Afrahnasser@

يواجه اليمن، الذي يُعتبَر الأفقر بين الدول العربية، مزيداً من الدمار والجوع منذ بدء التدخل العسكري الذي يشنّه التحالف بقيادة السعودية في العام 2015 على إثر سيطرة تحالف الحوثيين-صالح على صنعاء في العام 2014. وهكذا بين الاستراتيجيات السعودية الكارثية والأجندة الإماراتية المتباينة والخفيّة والعدوان على أيدي الحوثيين، يدفع المدنيون في اليمن الثمن الأغلى لحربٍ يتعذّر الفوز فيها. فالحوثيون ليسوا طرفاً خارجياً ولا فريقاً متجانساً، واليمن معروف بطبيعته الجغرافية القاسية والوعرة، لذلك يتعذّر على الطرفَين تحقيق نصر عسكري في هذه الحرب.

بعدما أظهر قادة العالم لامبالاة حيال الفظائع في اليمن طوال أربعة أعوام تقريباً، مارس المجتمع الدولي في أواخر العام 2018 ضغوطاً فعلية على الأطراف المتناحرة للجلوس إلى الطاولة في أول جولةٍ لمحادثات السلام تُعقَد بينهم منذ عامَين. لقد شكّلت التصفية المأسوية للصحافي السعودي جمال خاشقجي نقطة تحوّل في الاندفاعة نحو محادثات السلام. وولّد ذلك بارقة أمل بأنه ربما تلوح في الأفق نهاية للحرب الدائرة في البلاد. لكن مع مرور الأسابيع، بات واضحاً أن المحادثات جاءت نتيجة رغبة دولية إنما ليس بالضرورة رغبة محلية أو إقليمية. وقد تبدّد الأمل شيئاً فشيئاً. وربما يحتاج إحياؤه إلى حدث كبير آخر ذي أصداء دولية.

عند التوقف عند الحرب اليمنية التي أنهت عامها الرابع والسؤال حول ما تحقق حتى تاريخه، لا أجد سوى مزيداً من الانقسام والدمار في الدولة اليمنية التي تعاني أصلاً من العجز الشديد. والمحاولة السعودية لإعادة العمل برئاسة عبد ربه منصور هادي لم تؤدِّ سوى إلى زيادة احتمالات حدوث انقسام دائم في البلاد.

كذلك أسفر القتال السعودي ضد الحوثيين عن قصف مواقع تاريخية في اليمن من دون أن يكون هناك أي داعٍ لذلك. تحتل الإمارات العربية المتحدة، التي هي شريكة السعودية، جزيرة سقطرى اليمنية النائية، وتسيطر على ميليشيات ومجموعات مسلّحة مموَّلة منها في جنوب البلاد الواقع خارج سلطة الحكومة اليمنية. إنه أمرٌ مقلق أن يتسبب هذان النظامان الملكيان بهذا القدر الكبير من الأضرار للبلد الأكثر فقراً في العالم العربي. وهذا جحيمٌ يعيشه اليمنيون العالقون بين الأفرقاء المتناحرين. تختصر مقولة ثيوسيديدس المحنة التي نمرّ فيها: "القوي يفعل ما يشاء، والضعيف يتحمّل ما يجب أن يتحمّله".

* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.