عمار الأشول، باحث يمني وطالب ماجستير في الجامعة اللبنانية في بيروت. لمتابعته عبر تويتر: Lshwal@
تحت يافطة استعادة الشرعية، أعلن التحالف بقيادة السعودية انطلاق عاصفة الحزم، يقوم بإضعاف هذه الشرعية من خلال إسقاط القنابل والصواريخ على التجمعات المدنية، ففي كل مرة يقصف فيها سوقاً أو مدرسة أو منزلاً يُضعف بذلك موقف الشرعية ويرفع من أسهم الحوثيين، عبر تحشيدهم للمقاتلين كرد فعل على استهداف المدنيين.
لا يتوقف الأمر هنا، ففي حين تستمر الحكومة المعترف بها دولياً بممارسة مهامها من المنفى، أنشاءت دولة الإمارات العربية المتحدة، العضو الثاني في التحالف العربي، هيئة سياسية تمارس سلطاتها على الأرض، هذه الهيئة تتمثّل بالمجلس الإنتقالي الجنوبي الذي تم تأسيسه في الرابع من نيسان/أبريل 2017. ويُعتبر هذا المجلس صاحب اليد الطولى في جنوب اليمن، وينطلق من أهداف متعارضة تماماً مع أهداف الشرعية؛ أبرزها المطالبة بإلغاء الوحدة مع شمال اليمن، التي تم إعادة تحقيقها عام 1990، واستعادة دولة الجنوب.
وبدعم مباشر من الإمارات أيضاً، تم تأسيس العديد من التشكيلات العسكرية والأمنية في المناطق المحررة من الحوثيين وجميعها تعمل خارج إطار وزارتي الدفاع والداخلية التابعتان للحكومة الشرعية وبعيداً عن نطاق سلطاتها. من أبرزها الأحزمة الأمنية في محافظات عدن وأبين وشبوة وحضرموت، إضافة إلى ألوية العمالقة في صعدة، وتشكيلات المقاومة التهامية في الحديدة، وقوّات حرّاس الجمهورية.
كما يقوم التحالف بدعم الجماعات الدينية على حساب مؤسسات السلطة الشرعية، فبدلاً من دعم وزارة الدفاع كمؤسسة عسكرية يمنية، تقوم السعودية بدعم الجناح العسكري لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الاخوان المسلمين في اليمن)، حتى أنه أصبح لهم دولتهم الخاصة في محافظة مأرب، ونفوذاً واسعاً في مدينة تعز، بينما تدعم الإمارات الجماعات السلفية بقيادة أبو العباس، أما قطر التي خرجت من التحالف العربي على إثر الأزمة الخليجية، فهي كانت ولا زالت تقدم الدعم للجناح الناعم في حزب الإصلاح.
كل هذه التطورات السياسية والميدانية تصادر السلطة الشرعية بدلاً من استعادتها، يضاف إلى ما سبق اظهار الشرعية بموقف العاجز، من خلال عدم تسليم مرتبات موظفي القطاع الحكومي لأكثر من عامين، خاصة بعد تحملها مسؤولية نقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في 18 أيلول/سبتمبر 2016 وهو ما جعلها تبدو أمام المواطن اليمني سلطة بلا مال وبلا قرار.
في رد عفل رسمي قدّم نائب رئيس الوزراء وزير الخدمة المدنية السابق عبد العزيز جباري استقالته في 19 آذار/مارس بسبب رفضه لتهميش الشرعية، داعياً إلى "تصحيح العلاقة مع التحالف"، كما طالب بـ"التعامل مع اليمن باحترام كبلد صاحب حضارة وليس كجمهورية من جمهوريات الموز". تبعه في ذلك وزير الدولة صلاح الصيّادي، الذي برّر استقالته بـ"عدم تمكين فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي من العودة إلى أي جزء من المناطق المحررة أو العاصمة المؤقتة عدن، مما تسبب في إضعاف حضور مؤسسات الشرعية وتقويض دورها لحساب جماعات وتشكيلات مليشياوية خارج إطار الشرعية". وأخيراً انتقد محافظ المحويت، صالح سُميع، في 10 آذار/مارس الحالي، دور الإمارات في اليمن، مطالباً الرئيس هادي بـ"ضرورة إنهاء تحالفه مع أبو ظبي"، ووصف سُميع دور هذا الحليف، في إشارة إلى الإمارات بـ"الأرعن"، كونه "يتصرف تصرفات غبية".
وبالرغم من مراهنة الحكومة الشرعية بالاعتراف الدولي بها، إلا أن ممارسات السعودية والإمارات قد أدّت إلى اضعافها. وقد يؤدي ذلك إلى احداث فراغات في جسد الشرعية، وطول فترة الحرب وارتفاع كلفتها البشرية، ما يفضي إلى تعثّر عملية السلام.