آدم بارون زميل زائر في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية وزميل في برنامج الأمن الدولي في مركز "نيو أميركا" للأبحاث والدراسات. لمتابعته عبر تويتر adammbaron@

بعد أربع سنوات على إطلاق التحالف العسكري الذي تقوده السعودية عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين، وعلى الرغم من التوصل إلى اتفاق في ستوكهولم في أواخر العام 2018 بين الحوثيين وحكومة عبد ربه منصور هادي المعترَف بها دولياً، لا يزال النزاع مستعراً. لقد نجح التحالف في دفع الحوثيين إلى التراجع، في حين أن الحكومة المعترف بها دولياً عادت إلى حد كبير إلى العاصمة المؤقتة عدن. إنما لا يزال الحوثيون بعيدين جداً عن الهزيمة، فهم يحتفظون بالسيطرة على صنعاء ومرفأ الحديدة والقسم الأكبر من المناطق الواقعة غرب البلاد.

فيما يشير الجزء الأكبر من التقارير عن الحرب الدائرة في اليمن إلى أن تاريخ انطلاقتها كان في 26 آذار/مارس 2015، يتحدّى واقع النزاع وسياقه الأوسع هذه التأطيرات التبسيطية. فالوضع الراهن يُجسّد، في جوانب كثيرة، تراكماً لتصدّعات سياسية-اجتماعية قائمة منذ وقت طويل، وقد ازدادت سوءاً بفعل تراجع إيرادات النفط والغاز وتفريغ المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من مضمونها. وقد ظهرت هذه التصدعات إلى الواجهة بفعل انتفاضة 2011، وجرت تهدئتها بطريقة غير فاعلة خلال المرحلة الانتقالية التي عرفها اليمن بعد الربيع العربي، لتعود فتستفحل من جديد على وقع التصعيد في النزاع مع سيطرة الحوثيين على صنعاء والدخول المباشر للتحالف الذي تقوده السعودية إلى المسرح الأوسع للحرب اليمنية.

إنه نزاعٌ متعدّد الوجوه – أو بعبارة أدق، مجموعة من النزاعات المترابطة. وفي حين تستمر المسائل المطروحة على مستوى أعلى – مثل تدويل النزاع والجهود التي تُبذَل للتوصل إلى اتفاق سلام بين ممثّلي الحكومة اليمنية والحوثيين – في استقطاب الاهتمام الأكبر، غالباً ما تتبلور على الأرض مجموعة من الديناميات المحلية. ليس المقصود بذلك أنها متمايزة تماماً: فسياسات النفوذ وشبكات المحسوبيات والشراكات هي دليلٌ على تسلّل السياسات الوطنية والدولية إلى مختلف المسائل حتى أصغرها. مع ذلك، يبدو أن زمن تركُّز الحكم في صنعاء قد ولّى، مع ظهور مجموعة من مراكز النفوذ في مختلف أنحاء البلاد.

ماذا يعني ذلك في ما يتعلق بتسوية النزاع؟ النقاش حول التواريخ المختلفة لانطلاقة الحرب معبِّرٌ في جانبٍ معيّن. ففضلاً عن الاختلاف في آراء اليمنيين حول النزاع، غالباً ما يمتلكون مفاهيم مختلفة جذرياً عن طبيعة النزاع – وهناك أيضاً تباينٌ في تصوراتهم عنه. يتجاهل صنّاع السياسات هذه التعقيدات ويتحمّلون تبعات ذلك. 

* تُرجم هذا المقال من اللغة الإنكليزية.